شبح من الماضي "شانتيل شاو" الجزء3

شبح من الماضي "شانتيل شاو" الجزء3

5-اعتراف وندم

   قال خافيير لغرايس :" اوشكنا ان نصل الى الفندق. ارى ان التلميحات التي اعطيتها للصحافة اعطت تأثيرها المطلوب. يبدو ان صحافيي الصفحات الصفراء احتشدوا لملاقاتنا ".  القى نظرة على غرايس ، فانعقد حاجباه السوداوان سويا في عبوس وهو يتأمل ملامح وجهها المتوترة. قال :" يا إلهي! تبدين كما لو انك في طريقك الى حبل المشنقة . ابتسمي يا امرأة! يتوقع الصحفيون منك ان تبدي مغتبطة جدا بما انك على وشك ان تصبحي الدوقة دو هيريرا ". 


 غمغمت غرايس :" لا يمكنني تمالك نفسي . كيف يمكنني ان ابدو سعيدة خلال اسوأ امسية في حياتي؟ ما هم مايعتقده اي شخص ، في جميع الاحوال؟ أوليس معلوما من الجميع بأنك تتزوج فقط لكي تضمن موقعك على رأس مصرف هيريرا؟"  حدقت مشككة في ملامح خافيير العابسة فيما جاءتها فكرة مفاجئة ، فقالت :" من يعلم بخصوص شرط الزواج المدرج في وصية جدك؟"  لوهلة بدا كأن خافيير يرفض الرد. اتسعت فتحتا انفه غيظا ، فيما راقب غرايس بمقت . بعدئذ رد قائلا : " محامي كارلوس رامون اغويلار فقط، فهو يعرف محتوى الوصية . وانا اريد ان يبقى الامر علينا ".  اضاف خافيير كلماته هذه فيما أثار التهديد المضمر في نبرة صوته الارتعاد في جسد غرايس. بدا من الصعب عليها ان تقرأ افكاره فيما تبدو عيناه مخبئتين خلف أهدابه السوداء الطويلة ، لكنها استطاعت ان تلحظ لمحة حرج عليه ، بسبب تصلب كتفيه. فأستفسرت :" لماذا أصر جدك على وجوب زواجك قبل ان تتمكن من استلام رئاسة المصرف؟" هز خافيير كتفيه واجاب :" ظن جدي ان صورتي كرجل متزوج افضل من تلك المعروفة كزير نساء . اقر انني لم اعش ابدا حياة الراهب المتنسك ، حبيبتي". التمعت عيناه باستمتاع لدى رؤيته منظر وجنتيها المتوردتين ، فتابع متشدقا :" أنا اتمتع ... بغرائز سليمة، لكن كارلوس رأى ان حياتي الشخصية قد تترك تأثيرا على احكامي العملية العقلانية ، ما يؤدي بي الى ارتكاب الاخطاء ".  -هل أثر ذلك في احكامك العملية؟ هل ارتكبت الاخطاء؟ لا بد ان شيئا ما حدث فجعل كارلوس هيريرا يضيف البند المتعلق بالزواج الى وصيته.  تلاشت ابتسامة خافيير ، فرمق غرايس بنظرة باردة وقال :" خطأ واحد فقط . عينت رجلا يدعى انغوس بيريسفورد لإدارة الفرع البريطاني من المصرف". طارت يدا غرايس الى فمها ، وقالت :" آه ، لا! هل علم جدك....؟"  -.... بأن الرجل الذي وضعت فيه ثقتي هو لص ماكر استغل موقعه حتى يختلس ثروة من الاموال من مصرف هيريرا ؟ نعم . علم جدي بالامر . عمل جدي لسنوات على تشذيبي وتهيئتي لأستلم مكانه في ادارة المصرف ، لكنه علم بخيانة والدك وعو على فراش موته ، ما أثار لديه الشك بقدراتي في الحكم بشكل جيد على الاخرين .  ابتسم خافيير ابتسامة خالية من السرور واللهو، وتابع قائلا:" من الواضح ان كارلوس استنتج انه لو كانت لدي زوجة تلبي رغباتي ، سيغدو عقلي خاليا مما يكدره ، فأركز على الاعمال".  احست ان قلبها يغوص في صدرها ، فقالت :" أهذا صحيح؟ أهذا ما تتوقعه من زواجنا ، خافيير؟"  اعلمها خافيير بخشونة :" انا انظر الى زواجنا كأمر غير مناسب لي وكأزعاج لعين . ولا نية لي مطلقا بأن اسمح لأي شخص سوانا ان يكتشف الاسباب الحقيقية الدافعة لهذا الارتباط . لكن هنالك سخرية ما في الامر . فالالتزام بمطالب جدي، دفعني الى الزواج بأبنة الرجل الذي أثار شكوك كارلوس بقدراتي".  انزلقت نظراته على جسد غرايس ثم قال لها :" على الرغم من ذلك ، أرى بأن هنالك تعويضات محددة من خلال جعلك عروسي ،حبيبتي".  اجفلت غرايس فيما انجرف الهلع داخل جسدها ، فاندفعت قائلة :" أي نوع من التعويضات؟"  افترضت ان زواجهما سوف يكون اسميا ولم يطرأ ببالها بأن خافيير يتوقع منها ان تتمم كامل واجباتها كزوجة له. في تلك اللحظة توقفت السيارة فأستنشقت غرايس نفسا حادا لدى رؤية حشد الصحافيين المنتظرين خارج الفندق . فكرت مرتعبة انها غير قادرة على المتابعة . حاولت بقوة سحب خاتم الياقوت الذي بدا كأنه ملتصق بأصبعها . يجدر بها ان تنهي الامر الآن ، قبل ان تؤدي بها خطوبتها المزيفة الى ان تصبح فعلا الزوجة العذراء لخافيير هيريرا.  -تعويضات مثل هذه...  شيء ما في صوت خافيير جعل غرايس تدير رأسها نحوه . ابتلعت ريقها لدى رؤيتها الشرارات اللامعة البادية في عينيه . كان الاوان قد فات حين ادركت نيته. وقبل ان تتمكن من الابتعاد الى الوراء ، امسك خافيير بها واخفض رأسها وعانقها.  فاضت الحرارة من خلال شرايينها ، فأحست كأن عظامها تحولت الى هلام. لم تعد قادرة على منع نفسها من الانحناء نحوه، لتضغط بجسدها على حائط صدره القاسي . استخدم خافيير يديه بمهارة ودقة فأطلقت غرايس انينا خافتا، عندها جذبها لتدنو منه اكثر. شعرت بضربات قلبه غير المنتظمة يتردد صداها تزامنا مع ضربات قلبها هي . لفت ذراعيها حول عنقه ثم غرست اناملها في شعره الحريري الاسود . لم تشعر بأحساس مماثل ابدا من قبل، حتى عندما كان ريتشارد يعانقها ، وهو الرجل الذي ظنت انه حب حياتها .  -اعتقد ان ذلك كاف. اريدك ان تبدي مفتونة لا مذعورة كأنك خرجت لتوك من السرير، وبالكاد تنتظرين العودة اليه .  أطفأ هذا التعليق الساخر شغف غرايس ، كما لو ان دلوا من المياه الباردة قد سكب فوق رأسها . تلون خداها باللون القرمزي وانتزعت يديها عن كتفي خافيير، وهي تحاول تجنب نظرته الساخرة . فيما همست مرتعشة:" ايها الوغد!" -لا اظن ان احدا سيشك بشغفنا المتبادل. أليس كذلك عزيزتي؟ انت تبدين مفتونة بخطيبك بشكل ملائم. جل ماعليك فعله الان هو الابقاء على هذا المظهر حتى نهاية السهرة . بدا واضحا من نبرة خافيير ادراكه التام بأنه لم يكن هنالك اي تظاهر في ما جرى ، اقله من ناحيتها هي. فكرت غرايس بذلك فيما احست بالغثيان. كيف تمكنت من التجاوب معه وهي تعلم كم يمقتها ؟  فتح السائق الباب لهما ، فقبض خافيير على رسغ غرايس .ثم همس في اذنها قائلا :" ابتسمي عزيزتي، قبل ان يشعر المصورون بالارتياب ، فأضطر الى معانقتك مجددا. اريد ان يرى العالم اجمع في صحف الغد ان زواجنا هو ارتباط حب مصنوع في الجنة". راحت غرايس ترتعش من شدة الاضطراب ، فيما سمرت ابتسامة على وجهها . كادت تصاب بالعمى بسبب وميض اضواء آلات تصوير الصحافيين المجتمعين على الرصيف. قالت من خلال اسنانها :" كلانا نعرف جيدا ان ارتباطنا تم ابتكاره في نيران الجحيم ، لذا اشك في انني استطيع خداع اي شخص ليعتقد انني مغرمة بك".  استقرت يد خافيير على خصرها ، فبدا لها كأنها تحرقها من خلال الفستان. تشدق وهو يقودها بحزم نحو بهو الفندق :" على العكس . اعتقد انك بدوت مقنعة جدا، لكن اذا كنت تلحين يمكننا ان نخوض المزيد من التدريبات لاحقا هذا المساء . الآن ، ها هو مضيفنا. تذكري ما تخاطرين به هنا ، غرايس". حذرها خافيير بصوت حريري ناعم متابعا :" حرية والدك تعتمد على قيامك بأداء ملائم ، تماما كالنجمة الهوليودية ".   بدت المأدبة مهيبة ، وقد اقيمت تكريما لأعضاء مؤسسات وشركات اسبانيا الفضلى . احست غرايس بالرهبة لمدى روعة صالة الاحتفالات . تمنت لو ان بأمكانها ان تبدي اعجابها بالاعمال الفنية المدهشة التي تزين الجدران، وبالثريات المميزة المعلقة في السقف . لكنها عوضا عن ذلك اضطرت الى معاناة محنة العشاء الرسمي الذي بدا كأنه يستمر الى الابد. اما الاسوأ من ذلك ، فهو وقوف خافيير لدى انتهاء العشاء ليعلن خطوبتهما . اجبرت غرايس على الوقوف امام حشد وافر من الوجوه الغريبة حتى تتقبل التهاني ، وما لبثت ان شعرت بالرعب عندا غمرها خافيير بين ذراعيه ، وعانقها امام أنظار الضيوف المذهولين . حين افلتها خافيير غرقت الى الاسفل في كرسيها. فهي لم تقو على مقاومة عناقه ، حتى اثناء شعورها بعيون مئات من الاشخاص الغرباء منصبة عليها. ما الذي يحدث لها ؟ تساءلت غرايس يائسة فيما راقبت خافيير وهو يتحرك برشاقة في حلبة الرقص . اتضح لها ان كل امرأة في الغرفة تتوق لمراقصته. ففي هذه الغرفة المكتضة بالرجال المتميزين ، بدا خافيير متفوقا بأشواط على الاخرين جميعا. ليس للأمر أية علاقة بثروته او بمركزه الاجتماعي، بل السبب هو الرجل نفسه . إنه قوي ، مسيطر ووسيم الى حد الدمار ، حتى انه اسر عيني كل امرأة موجودة في القاعة . حتى خلال فترة خطوبتهما، لم يتمكن ريتشارد من استثارة هذا المستوى من الاحاسيس التي يستحضرها فيها خافيير .   -يبدو ان خطيبك هجرك. ألهذا السبب تبدين حزينة جدا آنسة بيريسفورد؟  جرجرت غرايس عينيها بالقوة فسحبتهما عن باحة الرقص، لتنظر الى المرأة الجالسة قبالتها . الكونتيسة ميرسيدس دي رييس هي زوجة احد ابرز رجال الاعمال في مدريد واكثرهم نفوذا. تمتمت بلباقة :"انا لست حزينة، سينيورا، انا فقط ... أفكر" ألقت الكونتيسة نظرة نحو حلبة الرقص ، حيث يراقص خافيير امرأة شقراء مذهلة ترتدي فستانا قرمزي اللون ملتصقا بجسدها . كانت الموسيقى قد توقفت ، لكن ايا منهما لم يكترث لهذا الواقع او يدركه . قالت المرأة برقة :" اشعر بالفضول لمعرفة ما تفكرين به، عزيزتي" . لم تقو غرايس على منع عينيها من الالتفات مجددا نحو حلبة الرقص ، مذكرة نفسها ان لا داعي لهذا الشعور السخيف بجرح الاحاسيس والاستياء. ان خطوبتهما مزيفة، وهي لا تأبه البتة بمن يراقص خافيير . اجابت محيدة بنظرها عن نظرة الكونتيسة :" كنت ابدي اعجابي بمهارة خافيير في الرقص".  -نعم. ان الدوق دو هيريرا بارع في الرقص. أليس كذلك؟ اخبريني عزيزتي .... انحنت الكونتيسة الى الامام وقد التمعت عيناها السوداوان مشككتين ، ثم قالت :" .... كيف تعرفتما الى بعضكما؟"  اللعنة! -تعرفنا خلال احدى رحلات خافيير للعمل في انكلترا. إنه ..... صديق لوالدي . -لكن ..... هذه هي المناسبة الاولى التي تشاهدان علنا سويا.  اصطبغت وجنتا غرايس باللون الاحمر ، فرطبت شفتيها بتوتر فيما حاولت تذكر القصة التي ابتدعها خافيير حول علاقتهما الرومنسية المزيفة. يجدر به ان يكون هنا، ليساعدها على ردع الكونتيسة . فسرت غرايس للمرأة آملة ان تبدو مقنعة :" عرفنا بعضنا لعدة اشهر لكننا في بادئ الامر قررنا إبقاء علاقتنا بعيدة عن الاضواء . ان الوقوع في الحب امر شديد الخصوصية . ألا تظنين ذلك؟"  تقوس حاجبا الكونتيسة المرسومان بدقة بدهشة واضحة ، وقالت:" حسنا! لم أتوقع ذلك من خافيير . يبدو انك نجحت حيث فشلت الاخريات آنسة بيريسفورد ، فأسرت قلب الاسد . عل تحبينه؟"  لاحظت غرايس اللمحة الخفيفة التي تدل على عدم التصديق في صوت الكونتيسة . بدا من الواضح ان المرأة الأكبر سنا لم تقتنع بأن الدوق دو هيريرا قد يختار فأرة خالية من اللون ومملة مثلها هي لتصبح عروسه . تحرك السخط والحنق في صدر غرايس فرفعت ذقنها الى الاعلى . قالت بحزم :" أنا احب خافيير من اعماق قلبي . انه توأم روحي ، وبالكاد اطيق صبرا حتى يحين ذاك اليوم الذي أتعهد فيه بقضاء بقية حياتي معه".  -آه ، غرايس! انك تسلبينني أنفاسي ، ياحبيبتي.  سمعت غرايس صوتا مألوفا ، فشهقت واستدارت الى الوراء لتصطدم نظرتها المجفلة بعينين كهرمانيتين وامضتين. حيث قال خافيير :" انا ايضا يكاد صبري ينفد لأجعلك زوجتي ".  ذلك اللمعان السري في عينيه ذكرها بسبب نفاد صبره بالتحديد . فهو يريد الحصول على مصرف هيريرا، وما هي الا مجرد وسيلة لتحقيق هدفه ، ومن المحتمل ان تكون كذلك لهوا مسليا من عشيقاته . فكرت غرايس بعبوس، انها يجب ان تضع بعض الشروط الاساسية .  -ارقصي معي ، حبيبتي.  قبل ان تتمكن غرايس من الاعتراض ، كان خافيير قد جذبها بين ذراعيه فسحبها الى حلبة الرقص، حيث شدها لتلاصق جسده الصلب . قالت غرايس لنفسها بحزم ان هذا كله جزء من اللعبة ، وذلك حين احست بأن كل خلية من خلاياها العصبية قفزت نابضة بالحياة والنشاط.  همست في اذنه حين تحولت الموسيقى الى ايقاع هادئ بطيء :" اعتقد انني تدبرت امر إقناع الكونتيسة انني مغرمة بك بجنون".  -اقر ان مواهبك في التمثيل أثرت بي، عزيزتي. لوهلة كدت تقنعينني بذلك . توبيخ خافيير الساخر وضحكته المكتومة التي نفخها داخل اذنها ، كانا اخر ما يمكنها احتماله.  -من الواضح أنني كذبت بخصوص ذلك . فلا يمكنني ان اتصور ان امرأة في كامل قواها العقلية تعطيك قلبها وتقع بغرامك انت. فأنت شخص لا يمكن ان يحب مطلقا .  -كانت والدتي تقول لي ذلك ايضا.  تلون صوت خافيير بالاستمتاع ، لكن حين رفعت غرايس نظرها نحوه ، وجدت ان عينيه المحجوبتين تخفيان افكاره . تعثرت في خطاها وقد احست بالارتباك التام ، فأحكم خافيير قبضتيه فورا حول خصرها . غمغمت غرايس قائلة :" كل الوالدات تحببن اولادهن. لماذا تراها قالت ذلك؟"  قاومت رغبتها بوضع يدها فوق قلب خافيير الذي راح يتخبط بقوة تحت اذنها. هز خافيير كتفيه بلا مبالاة وقال:" ربما لأن ذلك صحيح".  اخفض بصره نحوها فلاحظ الارتباك ولمحة الشفقة الخفيفة البادية في عينيها . بدت غرايس صفيرة جدا ، اما هو فبدا كمارد قادر على سحقها بين يديه. لكنه لا يرغب بإيذائها . فاجأه ادراكه انه يكاد لا يطيق صبرا حتى يصبح بمفرده معها ، عوضا عن البقاء امام الجموع الموجودة في هذا الحفل اللعين . تاق خافيير لأن يتذوق طعم عناقها مجددا ، فيشعر برقتها ونعومتها .  لأول مرة في حياته ، أحس انه مجبر على تفسير سبب تجرده من الاحاسيس الانسانية . في العادة هو لايأبه لرأي اي شخص أخر حياله، لكن شيئا ما في تعابير وجه غرايس الرقيقة الرقيقة جعله يرغب بكشف بعض من شخصية هذا الرجل القابع خلف القناع. كما رغب بكشف الاسباب التي دفعت خافيير هيريرا الى الغاء الحب من حياته.  شرح لها بنبرة جافة :" والدتي تزوجت من والدي فقط لأجل امواله، وربما بسبب الاعتبار الذي املت ان تحظى به اذا ما اصبحت الدوقة دو هيريرا. لكن جدي كان لها بالرمصاد ، اذ أنذر والدي انه لو تزوج بوالدتي ، فسوف يفقد كل حق له بالقصر وبالمصرف وبثروة آل هيريرا".  التوت شفته بابتسامة ساخرة وتابع :" ولأنه غبي اختار الزواج بها، فقطع جدي كل علاقة معه".  استسفرت غرايس وهي عاجزة عن اخفاء صدمتها :" أتقصد ان جدك أبعد والدك عت حياته الى الابد؟ ألم يقابله مجددا بعد ذلك؟"  اجابها خافيير بخشونة :" آل هيريرا لا يرجعون بكلامهم . أدرك كارلوس ان عقل فرناندو مشوش بسبب حياة المجون التى عاشها مع والدتي ، لذلك حرمه من ميراثه وطرده من قصر الاسد".  ظلت غرايس مدركة في مكان ما من ذهنها لوقع الموسيقى ، فتحركت قدماها بصورة آلية الايقاع .  لكنها في الواقع كادت تترنح بسبب اعترافات خافيير الغامضة حول عائلته. لا بد ان كارلوس هيريرا كان رجلا فظا عديم الرحمة ليتمكن من التخلي عن فلذة كبده ، فهل يفاجئها ان حفيده ورث عنه خصاله؟ سألته :" ماذا عنك ....؟ افترضت انك امضيت طفولتك في القصر".  -أتقصدين انني وليد ثروة يعجز العقل عن تصورها؟ أجبرتها سخريته على تذكر الاتهامات المريرة التي وجهتها له حين زراته في قصر الاسد. ضاقت عينا خافيير حين احمرت وجنتاها خجلا، وقال:" أمضيت السنوات الاولى من عمري كطفل غجري همجي متجول ، تماما كالكلاب التي ترافق اعضاء السيرك الذين عملت والدتي معهم ".  اطلق خافيير ضحكة مريرة ولم تعد عيناه تتوهجان باللون الذهبي ، بل اصبحتا باردتين خاليتين من الاحاسيس ، فيما تابع :" حالما أدركت والدتي ان جدي لن يقبل بها مطلقا ، ادارت ظهرها لوالدي وللأبن الذي انجبته . كنت طفلا مزعجا وغير محبوب ، وحين ارتبطت والدتي بعشيق ثري تخلت عني، فبقيت مع والدتي شبه المجنون الذي تدعو حاله الى الشفقة".  همست غرايس :" وماذا حصل له؟" -توفي بعد اشهر قليلة على هجر والدتي له ، لذا تعلمت في سن مبكرة ان الحب احساس فظ ومدمر، وأقسمت انه لن يحتل اي مكان في حياتي ابدا . علم جدي بوفاة والدي ، وحتى ذلك الحين لم تكن لديه اية فكرة عن وجودي، لكنه احضرني حالا الى القصر . عندها اكتشفت ميراثي. لذلك عزيزتي، لن يوقفني اي شيء عن تحصيل حقي بالولادة والوراثة.  رفعت غرايس بصرها نحو خافيير وقد ظهر قلبها من خلال عينيها . فهي خلال طفولتها لم تعرف اي شيء سوى الحب والحنان من قبل والديها. انها لا تستطيع حتى ان تبدأ باستيعاب طفولة خافيير الموحشة الكئيبة . لا عجب اذا انه سحق مشاعره بقسوة ، فهو لم يختبر ابدا في حياته الحب العائلي غير المشروط.   للحظة تخيلت غرايس ذلك الولد الذي نما ليصبح رجلا قاسيا عديم الرحمة. ما شأنها هي على اي حال؟ لماذا تهتم لأجله؟ ان حرية والدها هي الامر الوحيد الذي يهمها ، وسوف تكون غبية لو رقت مشاعرها وحن قلبها على "الاسد" الذي يعيش منفردا في قصره في الجبل.  تمتمت وهي غير قادرة على منع شفتها السفلى من الارتعاش :" إنها قصة مريعة حقا. لا ادري ماذا اقول" تركز تحديق خافيير على بدقة على غرايس، فيما لف خصلة من شعرها الطويل حول يده، ثم دفع برأسها الى الاعلى ، وقال:" لا أطلب منك ان تقولي اي شيء سوى "انا اقبل" عندما يحين موعد زفافنا. أما في الاوقات الاخرى المتبقية فأقترح ان تبقي فمك مقفلا" .  احست غرايس ان كلماته جرحتها بقساوة . أتراه ندم على اندفاعه الجنوني بائتمانها على اسراره؟ لا بد انه كره فكرة ان يكون حساسا بأي شكل من الاشكال ، وهو بحاجة الى فرض سلطته مجددا قبل ان تظن غرايس انه ضعيف. قربها خافيير منه وعانقها، فأحست غرايس انها عاجزة عن مقاومته . انها لا تستطيع ردعه فيما النار تحرقها وتشعل اللهب في احاسيسها . يا إلهي! ما الذي حدث لها؟ وجدت غرايس في مكان ما القوة على الابتعاد عنه قليلا. أما وميض الانتصار البادي في عينيه الكهرمانيتين ، فجعلها تشعر بالغثيان . أرادت ان تقول له اي شيء، لكن بدا كأن لسانها ملتصق بسقف حلقها ، فشعرت أنها عديمة الحيلة وهي تحدق به من خلال دموعها المترقرقة . خافيير سوف يحطمها خلال لحظات بتعليق ساخر كعادته . راقبت غرايس تحول عينيه الى لون اغمق ، وأحست بالتوتر الذي حل به فجأة. لكنها فوجئت حين استدار خافيير فجأة ، فقادها الى خارج حلبة الرقص من دون ان يتفوه بكلمة.   -خافيير ، هل يمكنني ان أسرق منك خطيبتك لفترة قصيرة؟ تمتمت الكونتيسة فيما ألقت نظرة سريعة نحو غرايس، قبل ان تستقر عيناها على وجه خافيير الوسيم . رد خافيير ببرود :" أخشى انه لا يمكنك ذلك، فنحن مغادران . كان نهار غرايس طويلا وهي بحاجة الى النوم".  زمت الكونتيسة شفتيها تجهما وقالت :" أنها تبدو كالزهرة الرقيقة السريعة العطب خافيير . احذر بألا تنهكها قبل حلول ليلة زفافكما ".  لم يلق ذلك التعليق اي رد ، او بالأحرى لم تجد غرايس اي جواب يمكنها ان تفكر به في حالة التخدير هذه . لم تستطع إجبار نفسها على النظر الى خافيير، فحدقت بائسة الى الارض. بدا لها ان هذا النهار امتد الى ما لا نهاية . هل كان هذا الصباح بالذات هو اليوم الذي توجهت فيه الى نحو القصر ، فعرضت على خافيير العمل لديه مقابل حرية والدها؟ كان الصحافيون مايزالون يخيمون خارج الفندق ،لكن  غرايس شعرت بالارتياح لأن خافيير لم يبد اهتمامه بمجاملاتهم ، فحماها بجسده فيما اسرع بأخراجها نحو سيارة الليموزين التي تنتظرهما . سألته بتهكم حتى تخفي مدى تأثيره القوي عليها :" هل انت واثق من انك لا ترغب بالتوقف لالتقاط المزيد من الصور للزواج السعيد؟"  اجابها خافيير :" أعتقد اننا اقنعنا الجميع أننا سوف نتزوج للأسباب الصحيحة . الا تظنين ذلك عزيزتي؟ صباح الغد ، سوف تنقل الصحف قصتنا الرومنسية الشبيهة بالاعصار".  حدقت غرايس مرهقة الى الخارج نحو آلاف الاضواء الامامية للسيارات المارة، فيما تهادت الليموزين عابرة الشوارع المكتظة . شيء ما في تصريح خافيير الاخير ازعجها ، لكنها كانت شديدة الارهاق ولم تتمكن من التفكير بسبب ذلك الانزعاج. شعرت رأسها ينبض مختلجا ، وأحست انها قادرة على النوم لمدة سنة من الزمن ..... ثم فكرت أنها ستنام بمفردها في سريرها الخاص . إنها ليست عمياء ، فقد رأت النهم في عيني خافيير، وما زالت تحترق في ذهنها ذكرى جسده المتصلب بالعضلات ، هل تراها ستضطر الى خوض معركة معه هذه الليلة؟ أملت غرايس ألا يحصل ذلك، لأنها غير واثقة من فوزها .   استرخت بفعل تحرك السيارة برفق، فذبلت جفونها واحست فجأة ان رأسها اصبح ثقيلا. الى جانبها بدا خافيير متوترا ، فنظر نزولا نحو رأسها المستلقي على كتفه . القى انعكاس ظل أهداب غرايس الطويلة ظلالا غامقة على وجنتيها ، أما شفتاها فانشقتا وهي نائمة، فبدت بريئة كالطفلة .  ذكر خافيير نفسه ساخرا ان هذا وهم بالطبع ، فغرايس امرأة ناضجة تعرف تماما ما الذي تفعله ، فتحت هذه الواجهة المزينة بالخجل الجميل هناك امرأة تحسب الامور تماما كأي امرأة اخرى تعرف اليها . انها فاسقة مدللة سمحت لوالدها بأن يخاطر بكل شيء لكي تحافظ على اسلوب حياتها المسرف المبذر .  لم تتحرك غرايس حين توقفت الليموزين في موقف السيارات السفلي. وضع خافيير يده على كتفها وهزها ليوقظها ، لكنها بدت يافعة بشكل يفطر القلب فانقبض قلبه عليها. تمتم خافيير شتيمة تنم عن تفاد صبره ، ثم رفعها بين ذراعيه وضمها الى صدره ، فيما حملهما المصعد نحو شقته الموجودة في الطابق الاعلى من المبنى.  لا بد انه اصبح رقيقا ، فكر خافيير بذلك فيما وضع غرايس على السرير وارخى سحاب فستانها .

 

 أجبر نفسه على مقاومة مشاعره . سوف يكون هنالك متسع من الوقت بعد زواجهما ، لإشعال الانجذاب المتفجر بينهما . أمامه سنة كاملة ليستمتع بتلك الزهرة الطرية النضرة . أما هي فسوف تستمتع بذلك ايضا ، فهو عاشق موهوب كريم جدا ،وسوف يجد متعة في تدليلها ومغازلتها . أتراه اصيب بالجنون فجأة لينظر بشوق الى السنة المقبلة عوضا عن اعتبارها عقابا له؟ تساءل خافيير عن ذلك ، لكنه لم يتمكن من ايجاد جواب سهل ، فسحب أغطية السرير بسرعة فوق غرايس ، ثم اطفأ الانوار قبل ان يخطو نحو الصالة ، حيث سيعد فنجانا من القهوة هو فعلا بحاجة اليه . 

6-أسيرة

   يجدر بها ان تعود الى منزلها! فتحت عينيها بسرعة فيما تسللت الى ذهنها هذه الفكرة. كانت ليلة الأمس مرهقة جدا ومستنزفة للمشاعر فلم تتمكن من تحليل الامر الذي يزعجها ، لكنها تذكرت الآن شعور خافيير بالرضى لاهتمام وسائل الاعلام بهما لأن قصة خطوبتهما ستتصدر عناوين الصحف حول العالم . ما الذي سيستنجه والدها من هذا الخبر؟ انه لن يفهم ما يجري وسوف يشعر بالقلق ، وذلك اخر ما ترغب بحصوله نظرا لحالته النفسية الحساسة. قذفت غرايس الاغطية الى الخلف ، ثم عبست لدى ادراكها بأنها نامت في ملابسها الداخلية ،عوضا عن ارتداء قميص للنوم . الفستان الازرق الذي امرها خافيير بأرتدائه الى مأدبة العشاء كان معلقا على مسند الكرسي ، وهي لا تتذكر أنها وضعته هناك. آخر أمر تذكره هو جلوسها في السيارة اثناء عودتهما الى شقة خافيير. لا بد أنها غفت في السيارة . أيعني هذا انه حملها الى سريرها؟ ثم ..... من الذي نزع عنها ملابسها ؟ لا بد انها مدبرة المنزل . قررت غرايس ذلك فسرى الارتياح في جسدها ، فيما اندفعت خارج الفراش. كانت قد جمعت بسرعة اغراضها القليلة حين توقفا لفترة وجيزة في الفندق الذي كانت تنزل فيه في غرناطة يوم امس. وحين قام خافيير بتسديد فاتورة الفندق عنها، ثارت ثائرتها وغضبت فتجادلت معه بمرارة خلال رحلتهما بالطائرة نحو مدريد . اما الآن فقد أحست بقلبها يغوص في صدرها وهي تنقب في حقيبة اغراضها . يبدو ان جواز سفرها وتذكرة العودة مفقودان. هل تراها وضعتهما في الدرج المجاور للسرير في الفندق ، ثم نسيت أن توضبهما مع اغراضها؟  أفرغت غرايس محتويات الحقيبة على الارض ، باحثة في كل شيء ، لكن من دون جدوى . لعل خافيير يستطيع الاتصال بالفندق ليستفسر ان كان احدهم قد وجدها . فكرت غرايس بذلك وهي تلبس بسرعة رداء الحمام وتنطلق بسرعة عبر الممشى ، فيما لم تحتل رأسها اي فكرة سوى حاجتها الملحة لإيجاد جواز سفرها . قرعت على باب غرفة خافيير، لكنها لم تلق أي جواب، فأخذت تقفز من قدم الى اخرى نافدة الصبر . لم تكن لديها اي فكرة عن الوقت لكنها ترغب في العودة الى لندن لتكلم والدها قبل ان يعلم قبل ان يعلم عن الزواج المقبل من خلال إحدى الصحف . قرعت غرايس الباب مجددا ، ثم فتحته بحذر. وجدت سرير خافيير فارغا، فأبتلعت ريقها لدى رؤية منظر الاغطية الحريرية القرمزية المجعدة بشكل فوضوي . فكرت ان شقة خافيير تتميز الى حد بعيد بكونها شقة رجل اعزب ، وحسبما يبدو فأن هذا الجناح المخصص للأغواء يبدو تجسيدا لهذه الفكرة بفضل السرير الضخم ذو الستائر المخملية البنفسجية و...... يا إلهي! هناك مرآة هائلة معلقة في السقف.  خرج خافيير من الحمام المتصل بغرفة النوم، وتمشى  الى داخل الغرفة ثم قال :" صباح الخير غرايس. هل نمت جيدا؟"  راح يفرك شعره بمنشفة ، وقد لف منشفة اخرى حول خصره. بدا جلده متوهجا كالحرير.  -أنا ..... نعم ..... شكرا لك.  صعب على غرايس ان تفكر بشكل متماسك ، ولم يكن بمقدورها الا ان تحدق به بعينين متسعتين مصعوقتين. إنه وسيم جدا الى درجة الالم . لا يحق لأي رجل ان يبدو جذابا الى هذا الحد .  -هل تريدين شيئا؟  ضاقت عينا خافيير لدى رؤيتها ملتفة برداء الحمام . فهي حتما تبدو اكثر نضارة مما كانت عليه ليلة امس بخديها المتوردين خجلا. غرايس لا تشبه ابدا خياراته المعتادة للنساء، فهو يفضل اولئك النبيلات الشقراوات المتميزات المتألقات . لكن لسبب ما، فأن هذه الوردة الانكليزية الرقيقة ذات العينين الشبيهتين بعيني الغزال والابتسامة المحيرة تجعل الدماء تتدفق في عروقه بشكل مفاجئ . غمغمت غرايس قائلة :" علي ان اعود الى دياري".  ابعدت نظراتها عن جسده فركزتها على السجادة ، ثم تابعت :" انا بحاجة لرؤية والدي حتى افسر له عن .... الزواج وكل شيء .... قبل ان يقرأ عن الموضوع في صفحات الجرائد ، لكنني لا استطيع ايجاد جواز سفري . لا بد انني اتركه في الفندق ".  عبست حين اسقط خافيير المنشة التي كان يستخدمها لتجفيف شعره على السرير ، ثم تمشى عبر الغرفة متجها نحوها.  -هلا اتصلت بالفندق في غرناطة لتسأل ان كانوا قد وجدوه؟ - لا!  جوابه الموجز أثار غضب غرايس ، فشبكت ذراعيها فوق صدرها ، وهي تتمنى لو انها ارتدت ملابسها العادية قبل ان تندفع بسرعة نحو غرفة نوم خافيير . تذكرت كيف جذبها خافيير اليه في الليلة السابقة ليعانقها بحرارة . أجبرت افكارها على العودة الى الحاضر لتقول :" هذا امر مهم جدا، خافيير ، يجدر بي ان اجد جواز سفري".  راقبها خافيير بصمت من خلال جفني عينيه المحجوبتين لفترة بدا لها انها استمرت دهرا . ان الانجذاب الحسي بينهما واضح لا شك فيه . أقرت غرايس بذلك فيما أحست بنبضات قلبها تتسارع. لكن  عليها ان تتذكر جيدا سبب وجودها هنا : انه والدها ! قالت :" خافيير .... ارجوك".  -جواز سفرك موضوع في خزنتي المقفلة.  أخيرا قطع خافيير اتصال نظراتهما فابتعد عن غرايس حتى يذهب لأخراج قميص من خزانة ملابسه . راقبته غرايس وهو يدخل ذراعيه في كمي القميص قبل ان يبدأ بإقفال أزرارها ، ثم قالت له :" لكن ..... كيف وصل الى هناك؟ هل سرقته من حقيبتي؟"  - انا لم أسرقه. والدك هو اللص المحترف ولست انا عزيزتي . انا ببساطة أخرجته من حقيبتك لأبقيه في مكان آمن .  ظهرت بقعتان حمراوان على خديها وهي تقول :" اللعنة! عليك ان تعيده لي. لربما اكون محظوظة فأتمكن من تبديل رحلتي بأخرى تغادر اليوم نحو لندن".  رد خافيير بتعجرف :" أتتوقعين مني ان اسمح لك بالسفر والعودة الى انكلترا؟ سددت ديون والدك من حسابي المصرفي الخاص وأصبح حرا من خطر الملاحقة القانونية ، فما الذي يمنعك الآن من التواري عن الانظار والتنكر لأتفاقنا ؟ افهمي هذا عزيزتي : انا لن ادعك تفارقين نظري حتى يصبح خاتم الزواج في يدك ، ويتم عقد زواجنا ".  حاولت غرايس ان تطمئنه يائسة ، فيما غاص قلبها تحت تأثير وميض العزم والتصميم البادي في عينيه، فقالت له :" لكنني اعدك بأنني لن اختفي. أعدك بذلك" . أجابها خافيير ساخرا :" انت من آل بيريسفورد ، فهل تتوقعين مني ان اصدقك ؟ في مطلق الاحوال ، ليس هنالك متسع من الوقت حتى تذهبي الى انكلترا . اليوم سوف نعود الى قصر الاسد لنبدأ بالتحضير لزفافنا . هنالك الكثير من الترتيبات التي علينا القيام بها ".  مررت غرايس احدى يديها المرتعشتين من خلال شعرها، وهي تجاهد لإخفاء اضطرابها وخيبتها ، ثم قالت :" اي نوع من الترتيبات؟ من المؤكد اننا سنجري مراسم مختصرة لا زواجا شبيها بالقصص الخرافية ".  أعلمها خافيير بتعجرف :" من الطبيعي ان يكون زفاف الدوق دو هيريرا حدثا مهما جدا . اعطيت التعليمات للموظفين لدي بأن يحضروا الطعام الكافي لعدة مئات من الضيوف من افراد المجتمع الاسباني الراقي، وسوف تتم المراسم في كنيسة القصر ".  تناول سرواله عن علاقة الملابس ثم وجه اليها نظرة موجزة قائلا :" رتبت لك موعدا مع احدى اهم مصممات الازياء في مدريد لتأخذ مقاييسك من اجل أعداد فستان العرس لك ، وهي سوف تصل قريبا . أقترح عليك ان تذهبي لارتداء ملابسك ، الا اذا كنت تنوين استقبالها برداء الحمام ".  ارتفع حاجبا خافيير جزئيا ، متابعا :" بالرغم من انني لا اعترض ابدا على مظهرك هذا عزيزتي".  ليتها تستطيع ان تصفع تلك الابتسامة الوقحة عن وجهه! لم تعد غرايس قادرة على الكلام بسبب الغضب ، لكنها تذكرت والدها فغاص قلبها في صدرها .يجدر بها ان تقنع خافيير بشكل ما . همست قائلة :" كيف تظن ان انغوس سيشعر لو أنه قرأ علاقتنا هذه في الصحف ؟"  - أتصور انه سيعتقد انك فتاة ذكية جدا. من الواضح انه ارسلك الى القصر لتحاولي اغوائي واقناعي بمساعدته ، لكنك عوضا عن ذلك ربحت الجائزة الكبرى ، اي الزواج بمليونير سوف يعيد سجله نظيفا.   المقت البادي في صوت خافيير جعل غرايس ترغب بالاختفاء عن وجه الارض ، لكنها قالت بحدة :" لم تكن لدى والدي أية فكرة عن .... قدومي اليك ، وهو سوف يصاب بصدمة لو علم بحقيقة ما اقوم به، وقد يفعل كل ما بوسعه ليحاول منعي من القيام بهذه الخطوة".  -اذا فنحن محظوظان لأن الفرصة لن تسنح لك لرؤيته قبل ان يجف الحبر على شهادة زواجنا جيدا، فأنت مضيت في هذا الاتفاق ولست قادرة على التراجع الآن.  ألقى نظرة نافدة الصبر الى ساعة يده ، وقال :" الوقت يمر بسرعة ، وانا اريد ان ارتدي ملابسي".  انطلقت غرايس بسرعة خارج الغرفة وصفقت الباب خلفها ، بعد ان اطلقت صرخة تنم عن الاخباط . انها تكرهه! قالت غرايس ذلك لأنعكاس صورتها في المرآة فيما ارتدت سروالا من الجينز مع قميص قطنية . مسحت الدموع المنهمرة من عينيها وهي تفكر ان خافيير قاس ، عديم الرحمة وغير قادر على المسامحة ابدا. لكنه سوف يصبح زوجها على مدى سنة كاملة .  انها عالقة هنا من دون جواز سفرها ، ما يعني ان الهرب امر مستحيل . احست غرايس لبضع لحظات ان مشاعر الرعب التي ساورتها حين اكتشفت لأول مرة مدى خطورة مشاكل والدها المالية بدأت تهدد بالسيطرة عليها مجددا. ما كان يجدر بعا ان تدنو من خافيير هيريرا ابدا، لكن فات الاوان على الرجوع الى الوراء الان .  اخيرا ، حين خرجت غرايس من غرفتها بعد ان ذرفت الكثير من الدموع وجدت خافيير في المطبخ جالسا الى منضدة الفطور وهو يقرأ الصحيفة. حياها ببرود وقد لاحظ بعينيه الحادتين المتفحصتين ان هالتين زهريتي اللون تحيطان بعينيها . قال لها :" هنالك قهوة في الابريق ، وهناك عصير فاكهة . ما الذي ترغبين بتناوله؟"  -انا لست جائعة ، شكرا.  تحاشت غرايس النظر اليه ، فركزت على سكب كوب من عصير الليمون .  -بالكاد لمست طعامك ليلة الامس. انت بحاجة الى الطعام . -قلت لك انني لست جائعة . انا نادرا ما اتناول طعام الافطار .  جاءت نبرة غرايس هذه المرة اكثر حدة ، مع ذلك ظلت ترفض النظر الى خافيير. جلست على كرسي خشبي من دون مسند ، فبدت صغيرة الحجم وسريعة العطب الى حد كبير . تصلب فك خافيير ، فاجبر نفسه على النظر الى صحيفته ، وبدا ذلك مزعجا جدا بالنسبة اليه .  -المقالات المتعلقة بخطوبتنا نشرت في العديد من الصحف ، وصورك فيها ناجحة.  قال خافيير ذلك وهو يحدق بصورته مع غرايس وقد بدت ممسكة ذراعه وهي ترفع رأسها لتنظر اليه مبتسمة . اقر لاول مرة انها تشعر بالخوف تحت هذا الستار من الشجاعة الذي تبديه. أضاف بهدوء :" انا لم اقل لك ذلك ليلة الامس، لكنك بدوت جميلة جدا"  تعمدت غرايس تجاهل الصحيفة التي امسكها خافيير ومدها نحوها ، لكنها لم تتمكن من السيطرة على اللون الخفيف الذي غمر وجنتيها ، فقالت:" سأصدق كلامك بهذا الخصوص".  التوهج الذي ظهر في عينيها أثار اهتمام خافيير . لا بد انها تدرك تأثيرها عليه، فقد لاحظ نظراتها اليه قبل قليل ، واتساع عينيها عندما انتبهت الى المرآة فوق سريره . ولا بد انها مدركة ايضا للجاذبية التي تغلي على مهل بينهما ، تماما كما يدركها هو. لكنه لم يفهم لماذا لا تستطع ان تقر بها بكل صراحة وصدق ، عوضا عن القيام بكل هذه الالاعيب . كانت غرايس قد انهت موب العصير وراحت تنظر في ارجاء المطبخ ، فسألها خافيير بفضول :" ما الذي تبحثين عنه؟"  جاء جوابها فوريا :" اتساءل أين هي مدبرة المنزل. انا لم ارها بعد".  -اخبرتك ان يوم امس كان يوم عطلة بيلار ، وهي لن تعود قبل المساء . لفت هذا الامر اهتمام غرايس ، فأدارت رأسها وحدقت بخافيير قائلة :" من قام اذا بنزع الملابس عني ووضعني على السرير مساء الامس؟ لا تقل لي إنك انت من فعل ذلك؟"  التمعت عيناها بدموع الغضب والحنق ، فرمشتهما بصعوبة حتى تتخلص منها ،ثم تابعت :" اللعنة، كم انت مغرور! تظن ان بمقدورك ان تفعل ما شئت ، لكنك لا تمتلكني".  تمتم خافيير بنبرة عذبة :" ليس بعد ، عزيزتي".  في تلك اللحظة سمع رنين جؤس الباب ، فقال خافيير :" اعتقد ان مصممة الازياء قد وصلت ".  تمهل في المدخل وحدق بغرايس قائلا :" لماذا كنت تبكين؟"  -انا لم اكن ابكي .  الالتواء الخفيف الذي ظهر على حاجبي خافيير اظهر بوضوح عدم تصديقه لكلامها . أما غرايس فهزت كتفيها وفكرت، ما الهدف من الكذب على خافيير في حين ان عينيه الذهبيتين تخترقانها وتشاهدان ما في داخل روحها؟ قالت بمرارة :" انا قلقة على والدي. اعرف رأيك به ، واعلم انك لا تتفهم مشاعري ، فالحب شعور غريب جدا عليك خافيير، أليس كذلك؟"  -أسقطت جميع التهم الموجهة ضد انغوس . اتصل المحامون الخاصون بي في وقت سابق من هذا الصباح واعلموني بذلك.  لاحظ على الفور ان الارتياح ظهر بوضوح على وجهها.  همست غرايس بحماس :" الحمدلله! هل يمكنني على الاقل ان اتصل به لأطمئنه بأنني على ما يرام؟"  ابعد خافيير عينيه بالقوة عنها ، فمشى بخطوات واسعة الى خارج المطبخ وقال :" لاحقا. اما الآن فهنالك امور كثر اهمية يجدر القيام بها".   في فتره متأخره من بعد الظهر انضمت سيارة الليموزين إلى طابور السيارات المتوجهة نحو المطار . امضت غرايس الرحلة محدقة خارج النافذة ، ضائعة في افكارها ، غير مدركة لتحديق خافيير المتفكر الذي يتفحص وجهها الباهت اللون . تكلم خافيير فجأة وهو يقلب حقيبة اوراقه فيفتحها ، ويخرج جواز سفر غرايس منها قائلاً :" تفضلي. سوف تحتاجين إلى هذا ". ردت غرايس بارتباك :"لن احتاج إلى اظهاره في رحلة داخلية ". تجنب ملاقاة عينيها بنظره فيما قال :"هناك طائرة خاصة بأنتظارنا لتقلنا إلى انكلترا . سوف نصل في وقت متأخر من هذا المساء ، ثم نعود لنطير عائدين إلى غرناطة مساء الغد. لكنك سوف تحظين بنهار كامل تمضينه برفقة والدك ". اخبرها خافيير ذلك بنبرة صوت تحذرها من سؤاله عن سبب تغييره المفاجئ لخطته . ابتلعت غرايس الكتلة التي كانت تسد حلقها ، ثم لفت اناملها حول جواز سفرها ، واظهرت له ابتسامة غير واثقة فيها قالت :"لست ادري ما اقوله. . . وكيف أشكرك".  نصحها خافيير ببرود :" لا تقولي شيئاً ، عزيزتي . سوف يكون هناك متسع من الوقت لتشكريني خلال ليلة زفافنا ، وأنا أقر أنني أتلذذ بانتضارها وتوقعها ". احست غرايس أن وهج السعادة القصيرة التي انتابتها قد تلاشى، فأطبقت بيدها على جاوز سفرها وضمته إلى صدرها كمل لو أنه حبل للنجاة قالت :" ما كنت لأفعل ذلك لو كنت مكانك ، فلدي شعور أن ظنك سيخيب بشكل كبير ". توقفت سيارة الليموزين فقفز السائق خارجاً حتى يفتح الباب لهما .وفيما كان خافيير يستعد للخروج من السيارة ، تغيرت تعابير وجهه العابس إلى ابتسامةشديدة الجاذبية ، جعلت غرايس تشعر بوخز في بشرتها ، ثم تمتم قائلاً :"آمل أن لا يحصل ذلك ، عزيزتي". بعد مضي عدة ساعات ، أوقف خافيير السيارة المستأجرة في شارع جانبي ضيق بالقرب من الواجهة البحرية في إيست بورن . فكرت غرايس أن المنزل يبدو جميلاً نوعاً ما بفضل دهانه التبني اللون وأصص الأزهار المعلقة على نوافذه ، لكنها تشك في أن الدوق دو هيريرا قد اقام يوماً ما في منزل إنكليزي صغير بقرب الشاطئ كهذا .  طالبها خافيير حين تباطأت في الخروج من السيارة :" هيا بنا ! ما الذي تنتظرينه ؟ ألم تجلسي هنا مدة كافية ؟ هذه ليست سيارة ، بل هي لعبة مصممة للأقزام . كان يجدر بنا الإقامة في فندق قرب المطار ، ثم زيارة والدك يوم غد ". بدا خافيير نافد الصبر حتى يتمكن من تمديد رجليه الطويلتين ، لكن غرايس ترددت وعضت على شفتيها ، ثم فسرت له بهدوء :" أردت رؤية والدي بأسرع وقت ممكن . خافيير . . . أعلم أنك تظنني وضعت خطة وإياه تقضي بأن . . . أقدم لك نفسي مقابل حريته ، لكن هذا ليس صحيحاً . أنغوس لا يدرك أنني ذهبت لأطلب مساعدتك ، وأنا لا اريده أن يعرف ابداً السبب الحقيقي لزواجنا ". توقفت غرايس عن الكلام وقد اصبحت وجنتاها قرمزيتي اللون ، ثم تابعت :" يجدر بنا أن نقنعه بأننا مغرمان ، وبأنك مستعد لأن تسامحه على سرقته الأموال من المصرف لأنك تهتم بي ".  - وكيف تفترضين أن أفعل ذلك ؟ التمعت عينا خافيير الغاضبتان فيما تذكر خيانة أنغوس بيريسفورد للثقة التي وضعها به. حدق بغرايس ولم يلحظ فقط شعورها بالاحراج ، بل ايضاً اليأس التام البادي في عينيها . فأستفسر قائلاً :" أتريدينني أن اتصرف كما لو أنني مغرم بك ؟ " ضغطت على نفسها لتتابع قائلة :" سوف نقول له إنني زرتك في إسبانيا حتى اتويلك لتتفهم وضعنا ، فوقعنا في الحب المتبادل من النظرة الاولى . وسوف نتزوج بهذه السرعة لأننا . . . ". - . . . لا نستطيع ان نبقي أيدينا بعيدة عن بعضها ؟ ظهر بريق اسنانه البيضاء المناقضة لبشرته السمراء ، حين ابتسم لغرايس ابتسامه شرشرة . ردت غرايس موافقة :" شيء من هذا القبيل ". فيما نظرت الى خافيير بحذر وهو ينحني فجأة نحوها . قبل قليل بدا خافيير محجوزا في هذه السيارة الضيقة قريبا جدا منها الى حد لم يشعرها بالراحة. أما الآن فالتهبت احاسيسها عندما استشعرت عطره الذي تفوح منه رائحة المسك . قالت له :" ما الذي تفعله؟" همس بنعومة :" انا بحاجة الى التمرن على هذا الذي يدعونه الحب . فكما تعلمين ، إنه ليس شعورا مألوفا لدي عزيزتي . هل تظنين ان انغوس سيطمئن لو عانقتك بهذا الشكل؟"  احتكت بشرة خافيير بها في مداعبة بطيئة رقيقة ، جعلت احاسيسها تضج مطالبة بالمزيد . رفع رأسه لوهلة فحدق في عينيها كما لو انه يبحث عن جواب لسؤاله الصامت، ولا بد ان ما رآه في اعماقهما قد ارضاه ، لأنه اسرها مجددا في عناق مخدر جعلها تذوب.  تسللت يداها لتحيطا بعنقه ،فيما نقل هو بدوره عناقه الى مستوى اكثر عمقا . أنت غرايس بنعومة فألقت برأسها فوق صدره ، تلاشى الواقع حينها ، فتركها اسيرة الاحاسيس المحضة . بعد قليل رفع رأسه ليحدق بها نزولا ، وقد التمعت عيناه الكهرمانيتان ككرتين حارقتين ، ثم تشدق ببرود قائلا :" هل هذا كاف ، غرايس؟"  استنشقت غرايس نفسا حادا ، ثم ابعدت نظرها عن نظراته الساخرة وقالت :" انا اكرهك ".  قفزت الى الوراء مبتعدة عنه ، وراحت ترتب هندامها ساخطة بسبب ردة فعل جسدها الخائن . قالت :" اتمنى ان تخترق بنار جهنم ، لكننا الآن عالقان مع بعضنا ، لذا دعنا ننجز الامر ".  اندفعت غرايس خارجة من السيارة قبل ان يتمكن خافيير من التفوه بكلمة اخرى ، فأسرعت الخطى على طول الرصيف صعودا على الدرب المؤدي الى منزل الضيوف الخاص بالعمة بام . أما قلبها الخائن فقفز في مكانه حين لحقها خافيير فلف ذراعه حول خصرها .  حيتها العمة بام قائلة :" غرايس! أشكر السماء لمجيئك الى هنا ، فوالدك ليس على ما يرام . زاره محاميه هذا الصباح ، فقال له شيئا بشأن التهم الموجهة ضده ، لكنني لا افهم ما الذي يجري".  فيما هي تتحدث استقرت عيناها على خافيير ، فقالت :" لم أدرك انك ستحضرين معك صديقا".  -هذا .... خافيير هيريرا .  اجفلت المرأة ، فوضعت غرايس يدها على ذراعها وقالت متابعة :" لا بأس بذلك بام ، فنحن صديقان ....حسنا اكثر من مجرد صديقان ".  أحست ان وجنتيها تتحولان الى لون زهري تحت تأثير تفحص العمة بام المصدومة .  -هل قرأ أبي صحف اليوم؟  من الواضح ان العمة بام لم تعد تجد الكلمات المناسبة لتقولها ، فيما أرشدتهما الى الداخل . قالت :" ليس على حد علمي . لكن لأكون صريحة معك غرايس ، لا شيء يبدو منطقيا بالنسبة اليه في هذه اللحظةعلى كل حال . أنه يعيش في عالمه الخاص" .  فجأة بدت عينا العمة مشرقتين بشكل يدعو الى الشك ، اذ قالت :" إنه ما ينفك يسأل عن مكان والدتك ، ولا يطاوعني قلبي على تذكيره بموتها . انه في غرفة الجلوس ".  أضافت وهي تحملق بخافيير :" لست ادري لماذا أحضرتك غرايس إلى هنا . انا أدرك أن اخي قام بعمل مريع بأخذه كل تلك الاموال ، لكن إن اردت ازعاجه فلن تفعل ذلك إلا فوق جثتي ". طمأن خافيير المرأة الأكبر سنا قائلا :" لا رغب لدي بإغضاب انغوس . انا هنا لكي ...."  توقف للحظة ، ثم حدق بغرايس وتابع :" ... اقدم له مسامحتي . اريد مساعدة اخيك ".  طالبته العمة بام قائلة :" ولماذا تفعل ذلك؟".  تمهل خافيير مجددا ، فسمح لعينيه بالمرور ببطء فوق غرايس ، ثم قال :" لأنني مغرم بأبنته ، وآمل ان يبارك علاقتنا ، لأنني انوي الزواج بها".  احست العمة بام ولأول مرة في حياتها انها لم تعد تجد الكلمات التي تقولها . فقالت :" حسنا! انا .... لكن متى تعارفتما؟ من غير الممكن ان تكونا قد عرفتما بعضكما لأكثر من خمس دقائق ".  قالت غرايس بهدوء :" علمت لحظة رأيته بأن خافيير هو الرجل المناسب لي، وبأنني سوف أحبه لبقية حياتي".  لم تجرؤ على النظر الى خافيير خشية ان ترى السخرية في عينيه، لكن عينيها تحركتا نحو وجهه بإرادتهما الخاصة ، وعوضا عن السخرية لاحظت غرايس شعورا مثيرا للأهتمام لا يمكن تعريفه .  قالت العمة بام مجددا :" حسنا! لا بد ان ذلك يجري بالوراثة في العائلة . فوالدك أغرم بسوزان من نظرة واحدة ، ولطالما قال إنه غير قادر على العيش من دونها . للأسف ، يبدو ذلك صحيحا".  -آمل ان يتفهم علاقتي بخافيير . قالت غرايس ذلك بحماس فيما خطت داخل غرفة الجلوس. رأت أنغوس جالسا على كرسيه وهو يحدق في الفراغ نحو الحديقة ، فتابعت تقول :" بفضل خافيير لن تتم ملاحقته قانونيا".  رمت غرايس ابتسامة مرتعشة نحو خافيير ، ثم ركعت بالقرب من والدها قائلة :" أبي هذه انا .... غرايس".  سماع صوت غرايس أيقظ أنغوس من احلام اليقظة، فحدق بابنته وأشرق وجهه النحيل بابتسامة باهتة. قال والدموع تترقرق من عينيه :" غرايس .... انا غير قادر على ايجاد والدتك".  -سوف احضر أحضرها لك، أبي.

 

 وعدته غرايس بذلك برقة ، مدركة ان والدها يقصد صورة والدتها التي اعتاد ان يضعها الى جانب سريره في ليتل كوت . كانت الصورة موضبة في مكان آمن في احدى علب التخزين ، وهي لن ترتاح حتى تجدها لأجله . ضغطت غرايس على ذراعه مطمئنة ، وقالت :" لدي ما أخبرك به ". 

0 comments:

Post a Comment